أكد العلامة المفتي في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى السيد علي مكي أنّ مهرجان ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر الذي تحييه "حركة أمل" في النبطية يوم الثلاثين من آب الحالي هو أولاً تذكيرٌ واحتفاءٌ بإمام الوطن والمقاومة، مذكّراً بأنّ كلّ كل الارض اللبنانية هي مساحة لعمل هذا الامام المغيب في صحراء العروبة وقد دأبت حركة أمل والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى على نقل هذا المهرجان الى مختلف الاراضي اللبنانية، مشيراً إلى أنّ ذلك ينطلق من الرغبة بأن تبقى هذه المهرجانات شاهدة على بقاء الامام حيا في النفوس وعلى الوفاء له في مختلف الاراضي لتبقى كل اراضي لبنان من النبطية الى صور الى بعلبك الى بيروت الى مختلف المدن صرخة في وجه كل الطغاة والظالمين.
وفي حديث لـ"النشرة"، لفت مكي إلى أنّه خلال السنة ما قبل الماضية تم تأجيل هذا المهرجان لانه كان يوجد اوضاع امنية كانت بسبب بعض الصبية الذين لا يعرفون معنى العيش المشترك والذين لبسوا فرو الدين مقلوبا وعلى رأسهم الضال احمد الاسير الذي لم يحترم جوار الجنوب بأكمله، الجنوب الذي حمل الامانة من خلال خطاب الامام الصدر، ودافع عن كلّ لبنان وعن صيدا، فجاء الضال الاسير ليقطع الطريق على المناضلين والمجاهدين وعلى الذين صنعوا العيش المشترك وصنعوا بقاء لبنان من خلال المقاومة، وقال: "من هنا كان حينها القرار الحكيم لرئيس المجلس النيابي نبيه بري والمجلس الشيعي بتأجيل المهرجان، والسنة الماضية وبسبب الظروف الامنية استعيض عنه بكلمة لبري عبر شاشات التلفزة".
قضية مبهمة...
وفي ما يتعلق بقضية الإمام الصدر، لفت السيد مكي إلى أنّ المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى وحركة أمل وعدد من المحبين بذلوا جهدا كبيرا في زيارات متتالية وفي اتصالات مع الليبيين ومع غير الليبيين، وكانت المعلومات دائما فيها ضباب ومبهمة، وأشار إلى انه لا يوجد شيء واضح في قضية الامام الصدر، مهيباً بكلّ المسؤوليين متابعة القضية لجلائها مع القيادة الليبية الجديدة، ولفت إلى أنّ الامام الصدر لم يكن اماماً للبنان بل كان اماما للعرب وللمسلمين، وهو الذي عمل على الوصل بين العرب والمسلمين، وهو الذي رفع شعار العروبة انذاك، وهي قضية فلسطين، واسس جيلا مقاوما ادى تدريجيا من خلال "افواج المقاومة اللبنانية – أمل"، ومن خلال الثورة الاسلامية المباركة في ايران، الى إكمال هذا الدور الذي ادى الى انسحاب العدو الاسرائيلي، والى ان يخرج من لبنان ويقول "وداعا لن نعود اليك ابدا".
وذكر المفتي مكي بمواقف الامام الصدر الصلبة، فلفت إلى أنّ الامام الصدر في الحقيقة ظاهرة فريدة، جاء من رحم الشريعة المقدسة ليقدم الجوار، ليقدم التعايش من مقدسات الحركة الدينية، ولذا كان يلهج وبصراحة انه مستعد للموت في سبيل المحروم والمضطهد والمظلوم المسيحي، كما هو مستعد للموت من اجل المحروم والمضطهد والمظلوم المسلم، هو الذي دافع عن لبنان، كل لبنان، لم يدعُ لحمل السلاح للدفاع عن قسم من الجنوب او شعب الجنوب، انما للدفاع عن كل لبنان وعندما اشتعلت فتنة الحرب الطائفية – المذهبية لم يكن له من موقف الا ان يعتصم في بيت الله ويوجه صرخة للبنانيين "ان تعايشكم اهم لغة في الصراع مع الاسرائيلي، عودوا الى امجادكم، عودوا الى تعايشكم، عودوا الى أخائكم".
وقال المفتي مكي الامام الصدر في الحقيقة كان يعرف ان لبنان فيه تنوع طائفي وكان يرى ان وجود الطوائف نعمة، اما تكريس الطائفة في السياسة والادارة فهو لخراب لبنان وتدمير لبنان، وكان يقول لا خلاص للبنان الا بسحب الورقة الطائفية والمذهبية واعتماد النظام المتدين لا النظام الطائفي ولا النظام العلماني، والطائفية كانت سياسة يستعملها البعض من الفاشلين من اجل تكريس زعامته لانه لا يستطيع ان يوجد في قلوب الناس جميعا في هذا الوطن حبا كما كان يفعل الامام الصدر الذي دخل الكنيسة كما دخل المسجد والذي كان يقارب بين ساحة عاشوراء في النبطية وبين سيدة المنطرة في مغدوشة وبين سيدة حاريصا.
أطروحة حلّ؟
ورداً على سؤال، قال المفتي مكي: "نحن على يقين أنّه لو كان الامام الصدر بيننا لجمد الكثير الكثير الكثير من خلافاتنا ولسرع في خلاص امننا وخلاصنا مما نعيش به من طائفية بغيضة مقيتة، ولكان جر الوطن الى ساحة الامان، وكما اعتصم في مسجد الصفا من اجل الفتنة الصغرى انذاك، كان اعتصم عمره كله من اجل دفع الفتنة الكبرى التي وصل اليها لبنان لاننا اليوم في اخطر المراحل واصبحنا نخشى ان لا يستطيع ماسح احذية ان يتولى وظيفة ما الا من خلال ممرات التوازنات وممرات الطائفية".
وعمّا يمكن أن تحمله كلمة رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الذكرى، لفت المفتي مكي إلى أنّ بري يمتلك من الاسرار الكثيرة على مستوى الحل السياسي في لبنان وعلى مستوى الازمة الاقليمية، وهو لم يعوّدنا في خطاباته الا على القضايا الواضحة، "ودائما كان يبرز بعض النقاط التي نكتشف فيما بعد سرها وحقيقتها ولذا نترقب ايضا ان يقدم اطروحة لحل على المستوى السياسي الطائفي في لبنان وان يقدم بعضا من المعلومات حول قضية الامام المغيب السيد موسى الصدر، ونشد على يديه وعلى ايدي العاملين معه في هذه القضية عسى ان يتحفنا في القريب العاجل بنهاية مشرفة في عودة الامام القائد الى لبنان".